مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الهدى ونبي الرحمة محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد ..
فهذا هو الكتاب الثالث من سلسلة ” المسلمون بين التحدي والمواجهة ” وقد خصصناه لمعالجة بعض الجوانب الدعوية التي نرى أنها ما زالت بحاجة إلى العناية والشرح والتمحيص , وقد كان الأول من هذه السلسلة بعنوان : ” نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي ” أما الجزء الثاني فكان عنوانه : ” من اجل انطلاقة حضارية شاملة ” .
إن قضية الدعوة إلى الله تعالى ليست شأنا خاصا لفئة من الناس ، ولكنها من القضايا المركزية لهذه الأمة ؛ فنحن أمة رسالتها الأساسية في هذه الحياة هداية الخلق ونشر أعلام الحق والعدل والخير وتعبيد الناس لقيوم السموات والأرض . كما أن إصلاح المجتمعات الإسلامية وتخليصها من حالة الوهن ، والغثائية من الهموم العامة لمعظم أبناء أمة الإسلام على اختلاف طبقاتهم وأوضاعهم .
وقد نشرت بحوث ودراسات وكتب كثيرة في قضايا الدعوة إلى الله – تعالى – وهي على كثرتها وتنوعها لم تعط هذا الموضوع حقه من الدرس والبحث ، وليس ذلك سبب قصور تلك الدراسات ، وإنما بسبب ضخامة الموضوع وكونه الحقل العلمي الذي بإمكانه أن يفيد من التقدم العلمي في العلوم كافة ؛ ومن ثم فإننا نعتقد أن ميادين القول فيه ستظل رحبة وفسيحة ، ما دام هناك ارتقاء معرفي على هذه الأرض .
إن كون كل مسلم يستطيع أن يكون ( داعية ) في ظرف ما وعلى مستوى من المستويات يوجب تنويع ألوان الخطاب بما ينمي الإحساس لدى جميع المسلمين بأهمية الدعوة ، وبما يساعدهم على القيام بها بحسب أحوالهم وإمكاناتهم . وهذا يتطلب فيضا من الكتب والرسائل ذات المستويات المتفاوتة والمناسبة للخاصة والعامة .
وأظن أن جعل الدعوة إلى الإسلام ( ثقافة ) لدى كل مسلم يتطلب تيارا متواصلا من الحملات التعليمية والتثقيفية والاعلامية بكل الوسائل المتاحة من أجل توسيع قاعدة المفاهيم والمباديء الدعوية المشتركة ، بغية أداء الأمانة وتبليغ الرسالة على أوسع مدى ممكن .
وبما أننا نعيش في زمان صار كل شيء معقدا فإننا أضحينا بحاجة ماسة إلى الارتقاء بالخطاب الدعوي بما يكافيء لغة العصر التي تجمع بين الفلسفة والاحصاء ، والمعطيات التقنية والتجريبية ، والتي تتسم بالشمول والكلية .
وإذا وصل الأمر بنا إلى هذا الحد من القول فإننا نعتقد أن الساحة الدعوية ما زالت فقيرة في استخدام هذا اللون من الخطاب نظرا لأحادية الثقافة والانعزال المعرفي الذي مازال يعاني منه كثير منا , مما أفقد كثيرا من كتاباتنا الجاذبية والجدية والتأثير .
وهذا الكتاب ليس موجها للعامة ، ولا للذين أهمتهم أنفسهم ، وشغلتهم مصالحهم الخاصة ، وإنما لأولئك الذين سيطر عليهم هم البحث عن الطريق الأقصر والأسلوب الأنجح لنشر أنوار الإسلام في العالمين ، وإحالة قيمه ومثله إلى واقع كريم يتقيل الناس أفياءه وينعمون بأمنه وسلامته وعافيته .
إن مستوى ( المعرفة الدعوية ) المتوفرة الآن لا يكفي لاستمرار قوافل الهداية إلى غاياتها المنشودة ؛ والدليل على ذلك النكسات والنكبات التي تصاب بها الجماعات والهيئات الإسلامية في كثير من بلاد الإسلام والعالم الخارجي ؛ ومع أن جزءا من ذلك شيء لابد منه ، إلا أن بإمكان المعرفة الجيدة والخبرة المتراكمة أن توفرا علينا الكثير الكثير من الوقت والجهد والمال والدم والعناء ، وأن تحققا الكثير الكثير من النجاحات والنتصارات الباهرة بعد توفيق الله تعالى وعونه .
وقد حاولت في هذا الكتاب أن أمزج بين الأفكار القريبة المألوفة ، والأفكار والتأملات التي يهتم بها الخاصة من أجل تعميم الفائدة آملا من الله – جل وعلا – أن يجعله لي ذخرا يوم الدين ، وأن يجعله سهما في خدمة دينه وإعلاء كلمته ؛ وهو حسبي ونعم الوكيل .
قريبا …
سوف يتم وضع فهرس الأفكار والمقولات العامة .