تجديد الوعي
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام المرسلين وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك طريقهم ، ودعا بدعوتهم إلى يوم الدين.
وبعد :
فهذا هو الجزء الثاني من السلسلة التي أطلقت عليها اسم ( الرحلة الى الذات ) ، وكنت قد نشرت الجزء الأول منها منذ ما يزيد على ست سنوات تحت اسم ( فصول في التفكير الموضوعي ) . وقد شغلت خلال المدة الماضية بكتابة سلسلة ( المسلمون بين التحدي والمواجهة ) . وخلال تلك المدة كان يطالبني بعض الإخوة والأصدقاء بألا أميت السلسلة الأولى ، وأن أعمل على إخراج بعض الأجزاء حتى يتم لنا ما كنا نوهنا عنه .
وقد أجبتهم إلى طلبهم ذاك ، ولم أجد موضوعا ينسجم مع التفكير الموضوعي كموضوع ( تجديد الوعي ) ؛ فبعد أن يعرف المرء وضع الأمور في نصابها الصحيح بتجرده عن مغريات الهوى ، وتهويمات الظنون يضحي لزاما عليه أن ينظر في آليات استيعابه للواقع ، وفي تنظيم ردود فعله عليه . إن تجديد الوعي يعني السعي المستمر إلى اكتشاف توازنات جديدة داخل فكرنا وثقافتنا بما يدعم وجودنا القيمي ، وبما يعزز فاعليتنا وأداءنا في طريق النهوض الشامل .
تجديد الوعي يعني من وجه آخر محاولة فهم الظروف الجديدة التي أوجدها التقدم العلمي والتقني ، وفهم التحديات الجديدة الناشئة عنه ، والاستجابة الراشدة إليها .الوعي نفسه مصاب بالقصور الذاتي ، ولديه استعداد كبير للحيرة والارتباك ، ولا سيما حين يتعامل مع معطيات معقدة .لا يعني تجديد الوعي الذي حاولنا الاقتراب منه في هذا الكتاب نهاية الطريق ؛ فوعينا بحاجة ماسة إلى تجديد مستمر ورعاية دائمة ؛ وكلما تسارع إيقاع المتغيرات صارت عمليات التجديد والمرتجعة أكثر إلحاحا وأشد خطرا . ونسأل الله التسديد في القول والعمل ، والتوفيق لما هو خير وأبقى .
فهرس الأفكار والمقولات العامة
– الإنسان نتاج الثقافة ، فهو عند مولده كائن خام ، ولا تتبلور إمكاناته إلا في بيئة مادية ووجدانية وثقافية ملائمة .
– من الثابت أن الكائنات الحية بدءا بالفيروس وانتهاء بالإنسان ، تسعى بإصرار إلى الاستقلال المتزايد ، والحرية المتنامية من أجل سمو الذات .
– إن حاجة الوعي الماسة إلى الصور الذهنية ، تجعله يشكل صورا مبسطة ومختصرة – وأحيانا زائفة – لما يرغب في التعامل معه .
– الصور النمطية الجامدة تسهل عمل الوعي ، لكنها تجعله متخلفا عن الواقع السريع التغير .
– إن كثافة المنتجات الثقافية ، وسرعة التغيرات الاجتماعية ، قد جعلت الوعي قاصرا عن ترميزها ، وإرسال الإشارات الملائمة للتعامل معها .
– إن أكثر ما يغير في وعي الإنسان هو انفتاحه على أحداث الحياة اليومية ، ودلالات المنتجات التقنية ، وما يحدث في العلوم والفنون المختلفة من تطورات .
– في كل الأحوال تكون طبيعة التغيير الذي يتعرض له الوعي متوقفة على طبيعة الأحداث والصور والظروف الطارئة ، إلى جانب طبيعة التركيب العقلي للفرد والمجتمع .
– يتحكم ( اللاوعي ) في سلوك الإنسان البدائي ، وسلوك المجتمعات التي فسدت نظمها ومؤسساتها المدينة .
– الإسلام بما هو بنية تمدينية ، يطالبنا دائما بأن يسيطر وعينا على أكبر مساحة ممكنة من مشاعرنا وسلوكاتنا .
– طبيعة عمل الوعي في الملاءمة بين الثنائيات ودمجها في إطار واحد ، هي التي تعرضه للتشتت والانقسام على ذاته .
– إن كثير من الحلول التي ننشدها لأزمة الوعي الإسلامي ، لن نعثر عليها داخل ذلك الوعي ، وإنما في تحسين الواقع ، وعيش زماننا بكفاءة وفاعلية .
– الحديث عن تجديد الوعي يعني في النهاية الثقة في قدرة الوعي على تجاوز ذاته وتطويرها .
– مهمة الوعي الكبرى أن يشكل ذاته ، ويبني استقلاله بعيدا عن سجن الواقع وخارج معطيات البرمجة الثقافية المحلية .
– من خلال اقتراب الوعي من الحقائق الموضوعية ، وتفسيره للواقع ، يغير في بنائه الخاص ، ويجدد في الآليات التي يستخدمها ، لكن لا يشترط في ذلك كله أن يسير في طريق النضج دائما.
-إن حركة التاريخ تأتي في كل يوم بابتلاءات جديدة ، وتقدم للوعي رموزا ودلالات تبعده في كثير من الأحيان عن استشفاف المنهج الرباني الأقوم .
– سيكون من الخطأ الاعتقاد بارتقاء الوعي إذا هو أسلم نفسه للقوى الغاشمة التي تصوغ الرؤى الثقافية لمعظم سكان الأرض .
– الفكرة الشفافة والخطة الذكية ، لا تستمد مقومات نجاحها من بنيتها الداخلية ، بمقدار ما تستمدها من السياق السياسي والاجتماعي الذي تعمل فيه .
– لا يمكن للوعي بما هو رؤية أن يكون أن يتجسد في جميع سلوكاتنا ، إذ أن هناك اعتبارات عديدة تجعل ماهو ممكن عقلا أوسع مما هو ممكن فعلا .
– العقل الإسلامي عقل أخلاقي .
– لم يستطع الإنسان فهم الوجود ، فعمد إلى تجزئته حتى يسهل عليه استيعابه ، لكن الوعي كثيرا ما يجد نفسه عاجزا عن تركيب ما فككه حتى يبصر وحدة الخلق .
– الرؤية الكلية عبارة عن محاولات لرؤية الشيء في أبعاده المختلفة ، وعلى مستويات عدة .
– لدينا نزوع غريزي إلى فهم الأشياء السهلة ، واستسلامنا له أدى إلى تكوين بنيات فكرية عاجزة عن التعامل مع المسائل المعقدة .
– مع أن لكل من الداخل والخارج فضاءاته المتميزة ، إلا أن كلا منهما محكوم بمؤثرات ومعايير عالمية ، ويتحركان في إطار شبكة علاقات دولية واسعة .
– الرؤية الكلية تساعدنا على رؤية الوضعيات المختلفة للشيء الواحد ، ففي المجال الحضاري قد يكون الشيء سببا ونتيجة في آن واحد .
– الرؤية المتعددة توفر نوعا من التوازن العقلي ، وتحسن سوية المقارنة .
– كلما اتجهنا نحو الحديث في الفرعيات ، قلت الأدلة ، وتشعب الراي ، واتسع مجال القول .
– تفكيرنا بواسطة حصيلتنا الثقافية ، تجعل عقلانيتنا ، أفرادا وجماعات ، لا تتمتع بسمة الإطلاق.
– يعني النقد وعي الوعي لذاته ، وقدرته على تجاوز النماذج الشائعة ، والعودة إلى الأصول والأهداف الكبرى .
– البناء الفكري بناء هش ، ولذا فإنه يحتاج دائما إلى رعاية وحياطة ؛ والنقد هو الذي يساعد على تجديده ودوام توهجه .
– إن النقد لا يحيا إلا بالنقد ، ومجادلة الفكرة بالفكرة والطريقة بالطريقة .
– القصور البشري هو الذي يعطي المشروعية للنقد والمراجعة والتصحيح .
– الخيال قد يتيح لنا ارتياد آفاق اممكن ، لكن الذي يكشف احتياجات الحركة ، هو الحركة ذاتها .
– كثيرا ما يغيب عن أذهاننا أن لكل عمل أسلوبه الفني الخاص ؛ ومن غير ذلك الأسلوب ، ستكون فائدة الحماسة محدودة .
– سيطرة العاطفة ، دفعت كثيرا من الناس إلى إستخراج نتائج عامة من معطيات جزئية .
– إن كثير من العبارات المحكمة الصياغة ، لايصمد أمام النظر المتعمق ، لكنه يمارس دور المخدر في إقعاد الوعي عن ممارسة التحليل .
– اكتشاف السنن الربانية ، لايتم على نحو مبستر ومتعسف ، وإنما ضمن سياقات يبينها الوعي ، وتنميها الممارسة .
– إن بعض صور نفي احتمال الخطأ عن الأشخاص آخذه في التوطن في بعض بلاد المسلمين على نحو مسرف في التطرف ، بحيث لا يجرح كبرياء العقل فحسب ، وإنما يعكر صفاء التوحيد .
– إن طبيعة اشتغال الذهن بالمعلومات الواردة إليه ، تسبب له بعض الأضرار والمؤثرات السلبية في منطقيته وطلاقته ، ولذا فإن عليه أن يحمي نفسه من نفسه .
– تكتسب الحقائق العلمية صلابتها من كونها صماء عمياء قابلة للاستخدام في الخير والشر .
– تحمل الفلسفة دائما المسحة الإنسانية والشخصية ؛ ولذا فإنها تحتمل الخلاف والتباين والاتجاهات المذهبية .
– لابد للخيال من أن يتمرد على سجن الخبرة ، مهما كانت عظيمة ، ولكن عليه أن يبقى قريبا منها ، وضمن مجالها .
– معظم انجازات العلم الكبرى ظلت مدينة لجرأة الخيال واختراق طرق التفكير القديمة .
– إنسان العصر الحديث مشرق الوجه مظلم الروح ، كثير الذكاء قليل العقل .
– العقل في عمق ثقافتنا ، لا يعني القدرة على الاكتشاف ، بمقدار ما يعني طاقة جيدة على تحقيق التوازن الشخصي ، وتوازن المرء مع بيئته .
– هشاشة البنى الفكرية لدى معظم الناس ، وسيطرة العواطف عليهم ، هما اللذان جعلانا لا نملك ما يكفي من القدرة للوصول إلى الحقيقة .
– حين قامت حضارة الإسلام الزاهية ، تحول مركز السلطة في حياة المسلمين من ( القوة ) إلى ( المعرفة ) .
– العلم اليوم ليس شيئا موازيا للمال ، كما كان الشأن في الماضي ، وإنما هو مصدر للمال والثروات العظيمة .
– العلم إذا لم يكن مؤطرا بعقيدة صحيحة ، ومتزامنا في عمله مع نظم سياسية وأخلاقية جيدة ، فإن قدرته على النهوض بالحياة ، ستكون محدودة .
– إن المعرفة التي لا نعرف لماذا نكتسبها تكون عرضة للتشويه المستمر .
– إذا امتلكنا الإطار العلمي الصحيح ، فإن وعينا يكون قادرا على الانتقال من مقدمات ناقصة إلى نتائج متناسقة ومقنعة .
– إن الأطر المعرفية التي تمجد النجاح الدنيوي ، لا تستطيع أن تلامس البنية العميقة لذاتية الأمة .
– إن المقولة الواحدة ، تكون ذات وقع متعدد بحسب النظام الرمزي للذين يتلقونها .
– إن المعلومات التي لا نستطيع دمجها في مبادئ ونظم ونماذج عامة ، لا تجدد سوى جزء يسير من الوعي .
– بات من االصعب اليوم بأن النمو الاقتصادي والتقدم التقني ، يمثلان هدفين واضحين ومستقلين بذاتهما .
– بعض الناس يرى أننا لن نجد طريقا للخلاص مما نحن فيه إلا عبر انهيار الغرب ، لذلك يجعل ديدنة الحديث عن ذلك .
– إذا كان وعي الإنسان عرضة للكثير من التغير ، فإن جوهره أقرب إلى أن يكون ثابتا .
– هناك اعتقاد بأن اكتشاف أنظمة المعنى المتصلة بالجوهر الإنساني ، سيجعلنا قادرين على تلمس التوازن الأعمق لوجودنا الكلي .
– النظام اللغوي نظام قاصر بطبعه ، ومدلولاته كثيرا ما تكون واسعة وغامضة ، وتجسيدها في النظم والوقائع هو الذي يمنحها التحديد .
– لكون الهوية لا تتضح إلا من خلال تجسيداتها السلوكية ، فإنها تظل مشروعا تحت التأسيس ، وليس هناك نقطة ما يكتمل عندها إنجازها .
– إن دخول الأمة في مرحلة التراجع الحضاري ، سوف يعني الكف عن تجديد الهوية ، وبعثها وإعادة إنتاجها .
– الفتنة الثقافية عبارة عن فقد الأمة للقدرة على التكييز بين الصواب والخطأ ، والعجز عن اتخاذ القرار في المسائل الكبرى والمصيرية .
– يمكن أن نقرر أن درجة من الشعور بالدونية ، وانسداد الآفاق لا تكاد تفارق أية هوية .
– إن حل أزمة الهوية لن يكون إلا من خلال إعادة تنظيم حياتنا الشعورية والأخلاقية والعقلية في ضوء المنهج الرباني الأقوم ، ومن خلال شروط أخرى .
– من نقائص الوعي البشري أنه يميل دائما للتعامل مع الظواهر المطردة والمباشرة ، ويهمل المسائل الصعبة والغامضة .
– إن الوعي يدرك القيم من خلال تجسيداتها في سلوك الناس ، وهذا هو الذي يجعله يتعرف عليها على أنها أشياء نسبية .
– المعيار الأخلاقي في نظر الناس ، ليس مطلقا ، كما قد يتوهم ، بل هو معيار يتمتع بالنسبية ، ويخضع في صرامته لمعطيات الظروف والأحوال المختلفة .
– إن الكرامة والحرية ليستا شعارات ترفع ، بمقدار ما هي نواتج للخروج من عالم القهر والضرورة إلى عالم الخيارات المتعددة .
– كأن وعينا بين الفينة والفينة إلى صدمة كي يفيق من سباته ، ويستعيد وظيفته في بناء الحياة الجديدة .
– سيكون من االواجب علينا أن نحاول ترجمة ما نحققه من تقدم عمراني إلى تقدم خلقي مدني ، تكون الأولوية فيه لمعاني الإيمان والنمو الداخلي .
– كل تجارب الأمم ناطقة بعقم استخدام القوة والنظم في تسيير الحياة العامة ، ما لم تكن مرتكزة على أساس من معتقدات الناس وأخلاقهم .
– فهم كثير من المسلمين ( الفردية ) السائدة في الغرب على أنها تحلل من الالتزام نحو الأخرين .
– لا شيء يخزي بالانحراف كالانحراف نفسه .
– حين يستمر الهروب من أداء الواجب ، فإن الوعي ينتج له ما يغطيه من فلسفات وتنظيرات قائمة على المزيد من الرضوخ للواقع السيء .
– القصور البشري بكل مدلولاته يكتنف علاقة المبدأ بالوسيلة ، فيقضي بها على استعلائه ، ويحولها إلى سجن له ، بل كثيرا ما يجعلها تحل محله .
– في عهود الانحطاط ، يسيطر على حس الناس المباشر والمحسوس القريب .
– في حالة الإقبال الحضاري تملأ الفجوات القانونية بالرحمة والتسامح والعفو . أما في حالة التدهور ، فإنها تملأ بالعنف والقوة الغاشمة والتهديد .
– إن من طبيعة الانحطاط أنه يهمش النبل والنبلاء ، ويتيح للمتوحشين قوة إضافية .
– في زماننا هذا صار المهم تحقيق الاجتماع الشكلي بقطع النظر عن مضمونه ؛ إذ المطلوب تسهيل الأمور ولو عن طريق التفليق .
– في زمان التخلف يقدم الذي يمنح الولاء على الأكفاء حتى يؤدي وظيفته في استمرار دوران العجلة نحو الخلف .
– من شأن المصلحين العظام أنهم يتخذون دائما من أمجاد الأمة ورمزياتها الائمة رأس جسر للعبور نحو ما هو مطلوب .
– إن التاريخ لا يتحرك ، ولا يتطور إلا بسيطرة عالم القيم والأخلاق على سلوكات الناس وموازناتهم في قضاء حاجاتهم .
– لا يعكس البناء القيمي صفاء العقيدة الإسلامية إلا إذا تم في ظروف تشجع على الاستقامة الخلقية.
– العيش على هامش الحياة كثيرا ما يكون مصدرا للتحلل الذاتي .
– إن النجاح الذي ينخلع من الاطار الاجتماعي ، أو الذي لا يتم إلا بذلك الانخلاع ، لا يورث صاحبه سوى مشاعر القلق والغتراب وتشتت الجذور .
– إن الدنيا على اتسعها ستظل ضيقة حتى نصلها بعالم الآخرة الرحيب .
– الشعار الذي يجب أن نستلهم منه إدارة الصراع في داخلنا ، هو : الكرامة فوق القوة ، والذاتية فوق الملكية .
– تعني ( الحكمة ) على نحو أساسي تساوق معتقدات الشخص وتصرفاته مع أحكام العقل ، وتناسبها مع الخبرات والمعلومات المتوفرة .
– ستكون الكفاءة والأهلية والريادة أهم الحصون التي يتحصن بها المرء من ويلات ( العولمة ) ونظام التجارة الأعمى الأصم .
– قلما ينفع التوجيه الأخلاقي في وسط فقير بالرجال الذين يجسدون القيم الرفيعة في سلوكهم الخاص .
– لم يخترع الوعي البشري النقد الثقافي والاجتماعي إلا من أجل أن يؤكد لنفسه أنه يدرك الفرق بين ماهو كائن ، وما ينبغي أن يكون .
– الظواهر الكبرى تستعصي دائما على التفسير بسبب أو عامل واحد .
– من المألوف أن تعايش الأمم وهي في قمة ازدهارهابعض أنماط التخلف في بعض منظوماتها الثقافية ، والأخلاقية .
– سيكون من البراعة النادرة أن ندرك نقاط القوة في الكيان المنهك المحطم .
– إن الأمة قد تربح أرضا ثابتة لأفكارها ومبادئها في نفس الوقت الذي تخسر فيه عسكريا أو تتفكك سياسيا .
– إن الحضارة الغربية الحديثة تمزج بين أعلى درحات التقدم والرقي وأعلى درجات الانحطاط والتخلف .
– من أخطر المشكلات التي تواجه الوعي الإنساني قابليته الشديدة للوقوع في أسر اللحظة الحاضرة والمعطيات الجاهزة .
– حرص القصص القرآني على أن يلقي في روع المسلم أن الأنبياء عليهم السلام تملك طاقة الانتصار والغلبة ، مهما كانت فداحة الخطوب التي تواجهها .
– إن القرآن الكريم يعلمنا أن الكروب والشدائد تواري في داخلها نويات للرخاء والتقدم .
– قليل اولئك الذين حاولا فهم النصوص التي تدل على حتمية التراجع الحضاري في إطار التكليف الشرعي ، وفي إطار رؤية شاملة لتلك النصوص .
– الحضارات الكبرى ، لا تموت ، ولكنها تتوقف عن العطاء .
– إن الأزمات تمنحنا الفرصة للمراجعة والنقد ، ولوم النفس على ما كان منها .
– إن عيش الناس من غير أزمات وظروف معاكسة كثيرا ما يؤدي إلى انحطاطهم .
– من المؤسف أن تجربتنا التاريخية تثبت أن اتساع العمران كان غالبا مصحوبا بانخفاض درحة التدين والالتزام .
– إن أهم ما يحتاجه التقدم هو اتخاذ القوى الروحية والمعنوية أساسا للنهوض والتغيير .
– القوى المعنوية تصنع دائما المفاجأت لما تمتلكه منقدرة على تجاوز الحسابات .
– إذا استخدمنا ما لدينا من إمكانات مادية بعيدا عن القيم والأطر المعنوية ، فإن الإنجازات ستكون فارغة ، وسينتفع بها عدد محدود من الناس .
– كثيرون اولئك الذين يقفون عند القناع ، وينسون الوجه الحقيقي للمشكلة .
– جوهر التقدم عبارة عن سلسلة من الاجابات على أسئلة كبرى ، تشكل في مجموعها امتحان التاريخ لمجتمع ما .
– الاسئلة التي لا نجد لها جوابا لا تظل خاملة على حالها ، وإنما تأخذ في الاتجاه نحو الصعوبة .
– الأجوبة على اسئلة التاريخ ليست موجودة عند فئة بعينها ، وإنما هي إشعاعات المشروع الشخصي والبرنامج اليومي لكل واحد من المسلمين .
– سيكون من الخطأ الفادح الظن أن مجرد ضخ الأموال في السوق ، أو توفير فرص العمل سينتج عنه نمو روحي وعقلي وقيمي ؛ لأن الطريقة التي نشبع بها الحاجات لا تقل أهمية عن طريقة الإشباع نفسها .
– إذا ما اردنا لأنشطتنا أن تستمر وتكون منتجة ، فعلينا أن نجعلها دائما في إطار من المشروعية والاعتدال .
– إن إيماننا أن لكل شيء ثمنا ، يجعلنا نحترم طموحات الأخرين ، وألا نصير من تحقيق مصالحنا مصدرا للعدوان على العباد ، وسلب الحقوق .
– إنه ما التقى قوي وضعيف إلا كان القوي هو الأكثر استفادة من ذلك اللقاء .
– عالم البداوة هو عالم الضرورات المعزول تقريبا عن المرفهات والكماليات .
– كلما أوغل الناس في الحضارة إخذت معالم الحياة تتوشح بالمسحة الأنثوية أكثر فأكثر وازداد نفوذ المرأة .
– الطموحات في البادية ضعيفة ؛ لأن الخيارات والبدائل المتاحة محدودة . ومدى ما يصل إليه خيال الواحد من سكانها قصير .
– الشعور بالإحباط نتيجة شدة التفاوت المعيشي في المدن ، هو المحرك الخفي للرغبات في مجتمعات الاستهلاك .
– في المدن يكون إحساس الناس بالأزمات ، وتطلعهم إلى المستقبل أشد ، لكن إحساس الناس بالأمن الاجتماعي يكون أقل ؛ فالخوف مما تأتي به الأيام هو سيد الموقف .
– في مجتمع المدينة المنورة كانت الأهداف الكبرى واضحة ، وسيطرتها على توجيه حركة الحياة شديدة إلى درجة تسابق المسلمين حتى الأطفال منهم إلى نيل الشهادة .
– أشق شيء على الإنسان أن يلتصق بالهدف العظيم الذي يولد نظاما للحياة ، يصبح معه للأنشطة المختلفة معنى ومنطق .
– المعدات الحضارية باتت كاملة ، لكن أهداف هذه الحركة المحمومة لبني البشر مشوشة وغامضة .
– في المجتمع المتوحش تقوم العلاقات على القوة والقهر ؛ حيث يعد كل واحد من أفراده نفسه ليكون المفترس أو الفريسة .
– الإنسان المتمدن هو الذي يستطيع السيطرة على سلوكه ونزواته ، والوقوف عند الحدود التي تبدأ عندها حقوق الأخرين .
– في المجتمع الذي أضاع مدنيته تكون النظم والقوانين هي الإخراج النهائي للقوة ، حيث يكون الأقوياء هم الأكثر استفادة منها .
– لدى الأمم المتدهورة قوانين ودساتير ، لكن لديها أيضا بجوار كل قانون مكتوب قانون غير مكتوب يمثل الوجه ، ويمثل القانون المكتوب القناع .
– حين تكون الثقافة عقيمة ومجدبة ، فإن أهلها يدخلون الحضارة من باب الاستهلاك فتهلكهم ، وتحولهم إلى مخلوقات عجيبة .
– من المؤسف أن أكثر المسلمين ، يعاني من تشتت بين مطالب هويته ومطالب المعاصرة ، وما ذلك إلا لأن المدنية التي تليق بنا لم نبلغها بعد .
– التمدن هو أهلية الإنسان لاكتشاف الإمكانات الحضارية واستثمارها في تحقيق أهدافه الكبرى .
– حين ذبلت روح المدنية الإسلامية ، تحول المسلم المبدع المقدام إلى مسلم منكمش على ذاته ، مرتبك في تفسير أحوال عصره .
– المدنية الحقة تصنع الحضارة ، لكن الحضارة لا تصنع المدنية ، بل قد تدمرها ، وتفكك منظوماتها .
– من أهم سمات الإنسان المتمدن أنه يبحث باستمرار عن طرق مشروعة وغير عنيفة لتجاوز التعارض بين مصالحه ومصالح الأخرين .
– المدنية اكتشاف للذات واكتشاف لإنسانية الإنسان ، وتقدير لجهوده وتأسيس للثقة بقدرته على السمو .
– إن مسيرة التاريخ تبدأ في اللحظة التي تصبح فيه تنمية الإنسان ذات أولوية مطلقة .
– إن بإمكان الماضي أن يكون مصدرا لتجديد وعينا ، كما أن بإمكانه أن يكون مصدرا لبلبلته وارتباكه .
– إن كثيرا مما ورد إلينا من الماضي يجنح إلى أن يكون ملتبسا وغامضا ، وما ذلك إلا لأنه على صلة بالإنسان .
-المؤرخ لا يجعلنا في الحقيقة نعيش الحدث السابق ، بمقدار ما يحاول إعادة تركيبه وإنشائه من خلال وسيطه المعرفي .
– المعطيات التاريخية المتعارضة في دلالاتها ، هي التي تحمل المؤرخ على وضع ما ينقله في إطار نظام ما من ( المعقولية التاريخية ) ومن فضاء رؤيته الخاصة .
– إن البناء التاريخي هو دائما بناء انتقائي .
– لابد لقارئ التاريخ إذا ما أراد تجاوز عقابيل عمل المؤرخ من أن يكون له دور ما في صياغة الواقعة التاريخية .
– نحن باعتبار ما شيء من الماضي ، ومظهر من مظاهر تحققه . ورؤية السنن هي التي تضفي نوعا من التنظيم والمنطقية على أحداث التاريخ .
– إن مما تعلمناه من التاريخ أن وعي الناس متحرك ، فما يهتمون به اليوم قد يهملونه غدا . وما يعدونه اليوم منفرا ، قد يستسيغونه من خلال الإلف والعادة .
– الأفكار العظيمة قليلة الانتشار والتأثير ؛ لأن تأثير الناس بمتطلبات غرائزهم وحاجات أجسامهم أكبر بكثير من تأثرهم بالفكر المجرد .
– إن الأحداث المبتوتة الصلة عن إطاراتها ومناسباتها تظل مستغلقة ،فهي أشبه برقم ليس له منظومة عددية .
– إن من طبيعة الانبهام أن يسمح بعدد كبير من التأويلات الفجة .
– إن من شأن التخلف أن يربك الوعي ، ويجعل حدسه تجاه التراث واهيا .
– الانطباع الذي يخرج به من يقرأ لكثير من الكتاب المتغربين أن تاريخنا كان مختصا بالانكسارات والنقائص ، وأن ما يسمى بالحضارة الإسلامية عبارة عن وهم كبير !.
– المتعلقون بأمجاد الماضي ، لا يرون في الحاضر سوى الانتكاس والتقهقر .
– إن الأمم حين تملك عتاد الانطلاق الحضاري تستطيع تجاوز المعوق من تراثها تارة ، وتأويله تارة أخرى .
– في التراث أصول هادية ومستندات أدبية لجهودنا البنائية ، لكن ليس فيه حلول جاهزة لمشكلاتنا المعاصرة .
– حين نفصل التراث عن الواقع ، فإننا نعرض ذلك التراث للانحطاط ؛ إذ إن حياته في دوام قراءته من أفق خبراتنا المتجددة .
– العقول الجبارة حقا هي التي تكافح من أجل دمج معطيات التراث في مركب كبير شامل هو الحياة الحضرية النامية المتطورة وفق الأصول الربانية الهادية .
– الإسراع في حركة الفتوح أدى إلى قصور آليات الاستيعاب التربوي والثقافي والاجتماعي للمسلمين الجدد .
– لأسباب كثيرة يغير الإنسان في عناصر رؤيته للكون ، وبذلك يتغير الكون نفسه ؛ إذ الكون ليس إلا ما نراه فعلا أنه الكون .
– يوجهنا القرآن الكريم إلى أن نجعل من المعطيات التاريخية أدوات نفتح بها حقولا جديدة للفهم ، وبذلك نتجاوزها بدل أن نقع أسرى لها .
– الإنسان سبب قصوره الذاتي ، يبدو وكأنه يلهث خلف الشيء بدل أن يكون في موقع القيادة والتخطيط .
– إن المطلوب من الوعي دائما أن يبحث عن ذاته ، ولكن في المعطيات العلمية والحضارية الجديدية .
– جوهر التجدد الحضاري أن ينتقل الإنسان من العيش وفق أحكام الغريزة إلى العيش وفق أحكام العقل .
– من المؤسف حقا أن البطولة خارج القانون تتعمق في حياتنا يوما بعد يوم .
– إن الإسلام لا يرضى بفرض أية عقيدة على الناس ؛ لأن في ذلك تدمير روح الايمان ، وتدمير القاعدة الأساسية للشعور بالمسؤولية .
– إن هدفنا أن نبني ذاتا حرة ، تفعل ما تراه ملائما ، وتتحمل نتائج أعمالها عن طيب خاطر .
– الجهال هم الذين يخطئون عند النظر في القضايا الكلية . أما الخطأ في الأمور الفنية ، فهو من اختصاص العلماء والخبراء .
– إن سمة الالتزام هي أكثر السمات قبولا للتعميم في المجتمع المسلم ، وأكثرها ملاءمة للخلفية العقائدية في المجتمع المسلم ، وأكثرها ملاءمة للخلفية العقائدية والثقافية لدى المسلمين .
– الحالة النموذجية في حياة الأمة أن تختلف فيما يحتمل الاختلاف ، ونتفق حيث لايجوز إلا الإتفاق .
– ليس من المستبعد أن يؤدي التطابق في الفروع إلى ثورة على الأصول .
– حين تدور الفكرة في فلك شخصي أو مذهبي ، فإنها تفقد جزءا من مصداقيتها ، وجزءا من جاذبيتها أيضا .
– إن الفكرة الحرة يجب أن تظل دائما مرفرفة ، تستعصي على القولبة والبرمجة .
– إن اصطدام الأراء ليس كارثة ، وإنما هو فرصة لإثارة الفكر الذكي ، وفرصة للبحث والتمحيص .
– آلية التطور مزدوجة ، حيث ينبثق نظام قديم ، اجتاحه الخلل والاضطراب ، وفقد توازنه الخاص .
– يعلمنا القرآن الكريم أن تغيير الذات ، يمكن أن يؤدي إلى تغيير نظم اجتماعية وطبيعية عديدة .
– النصر الحقيقي الذي افتتحت به حضارتنا الإسلامية انطلاقاتها كان على مستوى النفوس إذ تحررت من حب الدنيا ، ومن الطموحات الصغيرة .
– نحن بحاجة إلى إبتكار نموذج للتغيير ، ينسجم مع مبادئنا وأهدافنا وإمكاناتنا .
– التطور البيولوجي للإنسان ، يجعل من التغير والتكيف قانونا للحياة .
– طالما وضعت البشرية في التغيير والتطوير آمالها ومخاوفها في آن واحد .
– القصور الذي نبديه في التجاوب مع المتغيرات ، لا يعود إلى الطبيعة البشرية ، وإنما إلى الطريقة التي ربينا بها ، وإشراطات التعليم الذي تلقيناه .
– التلاؤم مع الجديد يتطلب دائما جهدا إضافيا ، مما يدعو الناس إلى تجاهله والإعراض عنه .
– لاحظ كثيرا من الناس أن كثيرا من الأفكار التي تدعو إلى مسايرة روح العصر ، ولد لدى معتنقيه نوعا من العتمة الروحية والترهل الأخلاقي .
– إن الناس يأنفون من الامتثال للتطوير الذي يقسرون عليه ، مهما كان موضوعيا ومنطقيا .
– إذا لم نتخذ موقفا صلبا تجاه ما نراه اليوم من تحلل الشخصية ، فإننا سنرى مجتمعاتنا وهي تذوب بين أيدينا ، ونحن واقفون للاستمتاع بمشهد السقوط الجماعي في مستنقع الانحطاط !.
– في عصور إقبال الإسلام كان انفتاح الإنسان على الإنسان يتم عبر العلاقة بالله – تعالى – حيث تقف الرؤية الانسانية على أرضية شرعية .
– من شأن التخلف أن يضرب التوازنات ، وأنيجعل الناس يفقدون الشفافية نحو المعادلات الحضارية .
– إن كثيرين منا يقلدون الغرب ليس على مستوى البنية العلمية والحقوقية ، وإنما على مستوى الثمرات والنتائج .
– إن الأمم العظيمة ، لاتستمد عظمتها من قدرتها على فعل ما يفعله الأخرون ، وإنما من قدرتها على التحوير فيما تقتبسه منهم بما يلائم خصوصيتها وظروفها .
– إن وعينا لا يقود الحياة بمقدار ما يقع في دوامة مطالبها .
– في زحمة الجماهير المتلاطمة صار البحث الأساسي منصبا على صياغة النظم التي تؤطر الحركة ، وتعلم الناس الامتثال عوضا عن المبادرة والإبداع .
– سيظل من واجبنا أن نبحث عن علاقة توترية منتجة بين المبادرات الفردية والنظم الاجتماعية .
– يجب أن نعترف أننا بذلنا جل جهودنا في الحديث عن حجاب المرأة وصونها ، وقصرنا في التنظير لتنميتها ، وتمكينها من تحقيق ذاتها واستثمار إمكاناتها .
– الإنسان كالماء إذا ركد فسد . وكمعظم الأشياء إذا همش انبتت صلته بنظم الوجود ، وفي ذلك عطبه وهلاكه .
– يعود قدر من طغيان العاطفة على المرأة المسلمة لدينا إلى عدم ممارستها للأنشطة الدعوية والذهنية والاجتماعية .
– حين لم تجد المرأة ما تحقق به ذاتها لجأت إلى الاستهلاك بوصفه أداة تميز اجتماعي .
– التطور العمراني غير الموجه ، جعل الناس يشعرون بالاغتراب داخل أوطانهم وبين أهليهم .
– إذا ما أرادنا استعادة التضامن الأهلي فلابد من تنكب سبيل التقدم الغربي ذي الإحساس الغليظ بمعاني الأخوة والقرابة والجوار .
– نحن مفتونون بالأشياء الضخمة مع أن هناك شواهد كثيرة ، تشير إلى أضرار العملقة في مجالات عديدة .
– لكل مشكلة حيثياتها وعقدها الخاصة ، وحلها يتوقف على العثور على المنهج الملائم لها .
– التقدم الحضاري يولد مشكلات جديدة ، ومناهج جديدة أيضا لحلها ، ولا أظن أن الناس سوف يشهدون أي نهاية للبحث عن المنهج الملائم .
– إذا قلت للناس : إني سأغير ما أنتم فيه ، فإنك تهيجهم وتستعديهم عليك .
– إن اسلوب التغيير أشبه بعمل من يحاول اقتلاع شجرة ليغرسها في مكان أخر .
– من العسير جدا أن يتم التغيير على الصعيد القيمي والفكري في أجواء مشحونة بالتوتر .
– لابد لنجاح التغيير من أن نتجاوز الرؤية السطحية للأشياء إلى تكوين رؤية جد