منطقية التدين
أود في البداية أن أهنئكم بعيد الفطر المبارك سائلاً المولى عز وجل أن يعيده عليكم وعلى أمة الإسلام بالتوفيق والتأييد والهداية والتمكين وبعد :
فقد لمسنا جميعاً في هذه السنة وفي السنوات الماضية ذلك الإقبال العظيم من الصائمين في أنحاء الأرض على صلاة الجماعة وعلى القيام وقراءة القرآن وبذل الصدقات ، مع حرص شديد على صيانة الآذان والعيون والألسن عن مساخط الله ـ تعالى ـ ـ وهذه الوضعية لكثير من المسلمين في رمضان تشكل ما نطمح إليه من (منطقية التدين) والاستقامة ، حيث إن جوهر التدين الحق يتمثل في تلك الخيوط النورانية التي تربط العبد بخالقه ـ جل شأنه ـ : خيوط الرجاء والحب والشوق والحياء والخوف والتبجيل والإذعان … ومن هذه الخيوط تُنسج (حلة التقوى) والتي تولِّد في حياة من يلبسها نوعاً من الانسجام بين معتقداته وأقواله وأفعاله ، ولعل هذا هو الدرس الأكبر الذي نتعلمه من شهر الصيام ، إن كثيراً من المسلمين لا يشعرون بالشوق إلى الله ـ تعالى ـ ولا يناجونه ولا يشعرون بالسكينة التي يأتي بها الإيمان العميق بسبب التناقضات الكبيرة في حياتهم الخاصة ، إنك تجد أشخاصاً يصلون خلف الإمام وبعضهم يحرص على المظهر الإسلامي لكنه يعامل خادمته المسلمة بأسلوب لا يليق استخدامه مع الحيوان ، وتجد الفتاة التي غطت شعرها ، ومع هذا فهي تضع الأصباغ على وجهها أو تلبس البنطال الضيق أو تمازح الشباب ، وتجد من يحرص على بعض السنن لكنه سيىء الخلق مع زوجته وزملائه…، إن هذه التناقضات عبارة عن تقطعات في خيوط ( حلة التقوى) وعبارة عن خروق في نسجها ، وإن مجاهدة النفس في ذات الله – تعالى – وأخذ الكتاب بقوة اليقين ، مما يجعل الوضعية العامة للواحد منا منطقية ومفهومة ومُرضية.
كل عام وأنتم بخير ، وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم د.عبد الكريم بكار
في 29/ 9 / 1430