للقمة طريقان
الهمّ الذي يسيطر على كل العظماء هو تطوير الواقع نحو الأفضل ، ولكل عظيم أسبابُه ووسائله في المساعدة على ذلك ، لكن هناك طريقان عريضان طويلان ، هما :
بذل جهود إصلاحية وخيرية واضحة ومؤثرة تلفت نظر المؤرخ ، فيتوقف عندها ليسجلها ويشيد بها ، والثاني كتابة شيء ، يستحق القراءة لما فيه من فائدة وإبداع وتطوير…
يتوقف التاريخ مرتين : يتوقف مرة ليسجل مواقف التمنع والتأبي على المساومة على الدين والعرض والكرامة، ويتوقف أخرى ليسجل الإيثار والفداء والعطاء غير المحدود، وأتمنى أن يبذل الباحثون الشباب جهوداً مقدرة في جمع مواقف الممانعة ومواقف السخاء والفداء لرجال ونساء معاصرين حتى يعرف الأطفال أن أمتنا أمة ولود ، ومملوءة بالعظماء الأتقياء الأخفياء ، ولعل تنشيط حركة المقابلات الشخصية للقادة والعلماء والأسخياء في بذل المال .. يجعلنا نطلع على صور حية وثرية للعظمة الذاتية .
الطريق الثاني للقمة : هو أن نحاول أن نكتب شيئاً يستحق القراءة ، وهذا الطريق لا يقل في أهميته عن الطريق الأول ، لأن التصورات والأفكار والمفاهيم العظيمة هي التي تجعل فهمنا لأنفسنا وتاريخنا وواقعنا والعالم من حولنا … شيئاً ممكناً وأتمنى في هذا الإطار أن تؤسس وزارات الثقافة ورشاً لتعليم الفتيان والشباب أصول الكتابة الإبداعية وتدريبهم على صياغة النصوص العظيمة وقد ذكر أحد الباحثين أن في فرنسا وحدها نحو من مئة ورشة تتيح للراغبين في المشاركة في الإنتاج الثقافي تعلُّمَ الدخول إلى عالم الكتَّاب والكتابة ، وليس لدينا في أي بلد عربي ـ فيما أعلم ـ أي شيء من هذا القبيل . في روح وعقل كل واحد منا شرارة صغيرة ربما تصبح من خلال النفخ فيها ناراً عظيمة تضيء عقول وقلوب الملايين ، فهل من مجرب ؟
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم د.عبد الكريم بكار
في 8 / 1 / 1431