حينما نفقد الهدف
فإنه هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار ، فكل ساعة تمر علينا هي فرصة لا تعوَّض بالنسبة إلى كل واحد منا ، وإن الطريق أمامنا إلى حيث الراحة الأبدية طريق طويل وشاق :
(حُفت الجنة بالمكاره ، وحُفت النار بالشهوات) كما أن الطريق إلى المعالي في هذه الدنيا ليسس مفروشاً بالسجاد الأحمر ، ومن ثم فإن من المهم جداً أن نفكر جيداً في المصير الذي سنؤول إليه . إن العمل من أجل المستقبل الدنيوي والأخروي سيظل ضعيفاً ما لم نجعل لأنفسنا أهدافاً واضحة ، ونقوم بالعمل من أجلها على نحو صارم وجاد ، وقد ثبت مما لا يحصى من التجارب والمشاهدات أن الوقت سوف يتفلت من بين أيدينا ، ويضيع سدى مالم نضغط عليه بآمال وأهداف مستقبلية . قد صرنا نتندر على أنفسنا في المجالس حين نتحدث عن إنتاجية الموظف العربي وعن المواعيد العربية وعن عدد الكتب التي يقرؤها العربي في السنة … إن الأرقام الدالة على كل ذلك تدعو إلى الأسى والخجل !.
إن العمل الجاد يجعل الواحد منا يشعر بالامتلاء الروحي ، وإن البطالة هي أكبر مصدر للشعور بالتفاهة والإحساس بالفراغ الروحي والفكري . نحن نحتاج على صعيد رسم أهدافنا إلى أن يكون لنا الآتي :
1ـ هدف بعيدي المدى قد يستغرق الوصول إليه ما بين عشر إلى خمس عشرة سنة .
2ـ هدف سنوي يكون إنجازه عبارة عن خطوات على الطريق في اتجاه الوصول إلى الهدف البعيد .
3ـ هدف أسبوعي يصب في الهدف السنوي ، ويساعدنا على ضبط إيقاع حركتنا اليومية .
إذا لم يكن لدينا أهداف واضحة ومبرمجة فإننا نكون قد أسلسنا قيادنا للآخرين كي يتحكموا بنا ، وحينئذ سنجد أن حياتنا قد امتلأت بالأنشطة غير المهمة وغير المثمرة .
من المهم أن تكون أهدافنا مشروعة ومتصلة على نحو ما بالفوز برضوان الله ـ تعالى ـ وأن تكون ملائمة ، حيث إن بعض الناس يضعون لأنفسهم أهدافاً متواضعة، لا تتحداهم ولا تستنفر طاقاتهم الكامنة ، ومن ثم فإن ما يحصلون عليه في النهاية قليل ، قليل . ومن الناس من يرسم لنفسه أهدافاًً كبيرة جداً ، فيشعر حيالها بالعجز والانكسار ، وتصبح مصدراً لشعوره بالشقاء ، وكثيراً ما يتوقف هؤلاء عن العمل حين يسيطر عليهم الشعور باليأس ، الهدف الجيد هو هدف يتحدى ، ولا يعجز ، ولنتذكر دائماً قول نبينا صلى الله عليه وسلم : (( نعمتان مغبون ـ أي مغلوب ـ فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )) وإن كثيراً من عظماء العالم لم يصبحوا عظماء إلا لأنهم وجدوا الوقت الذي يقدمون فيه ما قدموه وإن كثيرا من الشباب فسدوا بسبب الفراغ الذي لم يجدوا من يساعدهم على الاستفادة منه .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.