محطة القطار
يُحكى أن أحدهم قال لبعض أصدقائه: أود أن أذهب إلى إيطاليا للسياحة والاستجمام, فما رأيكم بذلك؟ فقالوا له: إياك والسفر إلى إيطاليا, ولما سألهم عن ذلك قالوا:
البلد مملوء باللصوص, فإذا كنت مستعداً لسلب أموالك وأوراقك الرسمية فاذهب! قال الرجل: قد حدثوني كثيراً عن ذلك البلد, ولا بد أن أذهب إليه. قال له أحدهم: إذا كنت مصرِّاً على ذلك, فلا تذهب إلى المنطقة التي فيها محطة القطار الفلانية, فإن تلك المنطقة تعجُّ باللصوص. قال الرجل: لا بأس, لن أذهب إلى هناك مهما كان الأمر, وغادر صاحبنا إلى إيطاليا, وكان على حذر شديد من الاقتراب مما حذره منه , أصحابه وبعد مدة احتاج إلى مال, فأرسل إلى أهله بأن يبعثوا إليه بحوالة مالية عاجلة, وخلال أيام وصلت الحوالة, لكن الشيء المزعج جداً هو أن تسلّم الحوالة سيكون من مصرف في المنطقة التي حذروه من الذهاب إليها, لكن لابد مما لابد منه, فذهب وهو شديد الخوف, وتسلّم الحوالة, ومضى وهو ينظر في كل الاتجاهات, وبعد دقائق إذا برجل يركض خلفه ويناديه من بعيد, فقال في نفسه: يبدو أن عملية الاحتيال والسطو قد بدأت, فاستجمع كل ما لديه من قوة وشجاعة وانتباه, وخطا خطوات نحو الوراء ليرى ماذا يريد ذلك المحتال الذي يهرول نحوه, وكانت المفاجأة الصادمة هي أن الرجل قال له: يا سيدي هذه المحفظة سقطت منك عند باب البقالة التي خرجت منها!
إن الدرس المباشر من هذه الحكاية يكمن في أهمية الحذر من تعميم الأحكام التي نصدرها على البلدان والأزمان والأشخاص حيث لم تخل منطقة اللصوص من أشخاص يتحلَّون بأعلى درجات الأمانة والنزاهة, وقد مضت مشيئة الله- تعالى- بأن لا يتركز الخير أو الشر في بلد أو قوم أو شعب, وإننا حين نذهب إلى بلد, فإن بإمكاننا أن نعثر على الناس الطيبين وأن نعثر على المجرمين والسيئين, ففي كل بلد كل شيء ومن كل نوع ،وإن كل شخص سوف يعثر على من هم على شاكلته من هؤلاء وأولئك.
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم د.عبد الكريم بكار
في 16 / 4 / 1431هـ