لم الخوف؟
فإن الله ـ تعالى ـ لم يُنزل داء إلا أنزل له دواء ، عرفه من عرفه ، وجهله من جهله ، ومن الملاحظ بقوة في مجتمعاتنا الشرقية أن الناس لا يجدون أي مشكلة في الذهاب إلى الأطباء وشرح أحوالهم أمامهم ، فإذا اقتضى الأمر الذهاب إلى طبيب نفسي ، فإن كثيرين يترددون ألف مرة قبل أن يفكروا في ذلك ، وهذا بسبب الرضوخ للنظرة الاجتماعية الخاطئة لهذا الأمر ، فالعامة يظنون أنه لا يذهب إلى الطبيب النفسي إلا من كان مجنوناً . أو كان على حافة الجنون !.
في المجتمعات المتقدمة والمتعلمة ينظرون إلى الطبيب النفسي على أنه حليف للنجاح وصديق للمزاج ، فالناس هناك يذهبون إليه لعلاج عللهم النفسية من غير أي حرج ، فالإنسان يصاب بالمرض النفسي كما يصاب بالمرض الجسمي ، والله ـ تعالى ـ يبتلي عباده بهذا وذاك ، أما الطبقة العليا في المجتمعات الغربية فإنها تذهب إلى الطبيب النفسي حتى يساعدها على الاستقرار النفسي ، وحتى يرشدها إلى زيارة كفاءتها في العمل والإنجاز .
حين يكون في البيت شخص مصاب باكتئاب شديد ـ مثلاً ـ فإنه يحوِّل حياة الأسرة كلها إلى جحيم ، وسوف نجد أنفسنا عاجزين عن إحصاء الأسر التي تفككت بسبب مرض نفسي لدى الزوج أو الزوجة ، كما سنكون عاجزين عن حصر الصداقات والصلات التي انقطعت بسبب الأمراض النفسية ، قد آن الأوان لتغيير نظرتنا إلى هذا الموضوع على نحو جذري ، وقد يتطلب التغيير تكثيف البرامج التلفازية التي يتحدث فيها الناس عن مشكلاتهم بصريح أسمائهم حتى يدرك الخائفون والواهمون أن وجود المرض النفسي هو شيء طبيعي جداً ، وحتى يدركوا أن العلاج قد يكون مطلوباً من أجل الاستمرار في الوظيفة ومن أجل إسعاد الزوج أو الزوجة ومن أجل حماية الأطفال من مشكلات لا حصر لها . تعالوا لنطرح هذا الموضوع بقوة في المجالس والمنتديات ، وتعالوا لنثير حوله الكثير من النقاشات ، لعلنا نتمكن من كسر عرف اجتماعي خاطئ وضار ومزعج .
محبكم :
د.عبد الكريم بكار
في 4 / 2 / 1431