كلهم كذابون
فإن لدينا صنفاً من الناس ، فيهم خير وذكاء وألمعية ، لكن لديهم مشكلة عويصة، هي أنهم ماهرون جداً في رؤية سلبيات الآخرين ومعائبهم ، وحين تثني على أحد الناس أمامهم ، فإنك تسمع مباشرة من يقول لك : أعوذ بالله فلان منافق، دجال ، أو يقول: كذاب ، لص ، أو يقول: لو خالطته لما قلتَ الذي قلت ، ولما مدحته …
ولعلي أقف مع هؤلاء الوقفات التالية :
1ـ إن إدراك ما لدى الناس من سلبيات سهل ، أما إدراك ما لديهم من خير ومن محاسن ، فإنه يحتاج إلى مهارة وشيء من الإبداع ، ولهذا فإن المطلوب هو أن نسابق أنفسنا في اكتشاف ما لدى الآخرين من فضائل ومحامد ، فهذا أزكى وأنفع.
2ـ إن إدمان ذم الناس يولِّد لدى صاحبه الشعور باليأس من الآخرين ، وهذا يؤدي فيما بعد إلى تعميم الأحكام على أبناء الجيل وأهل العصر ، وهذا خاطئ وسيِّئ ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من قال هلك الناس ، فهو أهلكهم )) أي هو الذي نسبهم إلى الهلاك . وفي رواية : فهو أهلكُهم ، أي هو أشدهم هلاكاً .
3ـ إن الإكثار من ذم الناس كثيراً ما يؤدي إلى شيئين رديئين :
الأول : هو حسن الظن بالنفس وتزكيتها ، وهذا خطير
الثاني : شعور المرء بأن ليس فيمن حوله من يمكن أن يقتدي به، ويقتبس من أخلاقه ، وهذا يقلِّل الاندفاع الذاتي نحو التحلي بالفضائل .
4ـ لا يكون ذم الناس من غير ثمن دنيوي وأخروي ، أما الدنيوي ، فهو تعكر المزاج ، وأما الأخروي ، فهو جزاء الغيبة والمغتابين.
5- إن لدى الناس ما يكفيهم من الهموم والغموم ومن اليأس والإحباط, وإن علينا أن نُشيع البشر والبشرى, وننشر الصور والمواقف الأخلاقية والسلوكية الجميلة حتى نخفِّف من كرب المأزومين, وكل أولئك الذين يظنون أنه لم يبق في الدنيا سوى الرذائل والكروب.
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم د.عبد الكريم بكار
في 14/ 8/ 1431هـ