المساق المحفز
كثيراً ما يتصل بي شباب يملكون قدراً حسناً من الوعي والثقافة, والذي يجمع بينهم هو الشكوى من أنهم يعيشون في ظروف جيدة, ولديهم ذكاء وطموحات لعمل الكثير من الأشياء, لكنهم كلما نظروا إلى حصيلة ما أنجزوه وجدوه ضئيلاً, أو لا يتناسب أبداً مع إمكاناتهم… ولا أبالغ إذا قلت :إن هؤلاء الشباب يمثِّلون شريحة عريضة من شباب الأمة قد لا تقل عن 20%, ومع أن هناك العديد من الأسباب الكامنة خلف هذه الظاهرة والعديد من العلاجات لها, إلا أنني أود أن أشير إلى شيء قد يكون مهماً, وهو أن يحاول الإنسان وضع نفسه في مساق يحفزه على العمل, ويتحداه من خلال حثه على تحرير الطاقات الكامنة, هذا المساق قد يتمثل في قطع العهد على النفس بالاستمرار في أداء عمل لا يقوم به كثير من الناس, وذلك مثل التصدق كل يوم بمبلغ من المال أو الذهاب إلى منزل الوالدة لشرب فنجان من القهوة عندها وتفقّد أحوالها ومثل الاستيقاظ قبل الفجر بنصف ساعة يومياً وقراءة ساعة يومياً في كتاب جيد… إن الإنجاز يكون في الالتزام الصارم بالقيام بهذه الأمور وأشباهها, وهكذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم فقد كان عمله ديمة, وكان إذا فاته ورده من الليل صلاه من النهار… الالتزام القويُّ بهذه الأمور يقضي على الفوضى والعطالة في حياتنا ويجعلنا نشعر بالتأنق والسمو… وقد يتمثل المساق المحفز في الانخراط في الدراسة في جامعة عالية المستوى, أو في وظيفة تتطلب قدراً عالياً من التأهيل والأداء الرفيع, ولك أن تتخيل الآثار الثقافية الهائلة التي يتركها التزام بعض الكتَّاب بكتابة عمود يومي في جريدة أو مقال أسبوعي في مجلة مدة عشرين سنة, إن هذا الالتزام صعب لكنه ممكن لأن هناك عشرات الألوف من الكتاب الذين يفعلون ذلك عبر العالم. صحبة أصحاب الهمم العالية والطموحات الكبيرة تساعد على الإنجاز العالي, وحضور بعض الدورات التي تحسِّن البصيرة بالشأن الشخصي, تساعد أيضاً
المهم دائماً أن ندرك أن حياتنا عبارة عن فرصة محدودة, ولا تتكرر, وينبغي أن نستثمرها على أفضل وجه ممكن.
أود أن أهنئ إخواني الكرام وأخواتي الكريمات بالعيد السعيد سائلاً الله ـ تعالى ـ أن يتقبل منكم ، ويزيدكم من فضله ، وكلَّ عام أنتم بخير،،،
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محبكم د.عبد الكريم بكار
في 12/ 12/ 1431ه