سورية : الكلمة المحرمة
كانوا يقولون : إن رسم ( كاريكتير) واحد قد يكون أهم وأدل من كتاب كامل، ولنا أن نقول: إن ثلاث جمل أو أربع قد تلخِّص مأساة كاملة لأنها تمسَّ العقدة أو المفصل لقضية كبرى،و هذا ما فعله السيد أحمد أوغلو حين زار دمشق، وقال لبشار الأسد : ((ليس المهم أن نقتنع نحن أو العالم الخارجي بجدية الإصلاحات التي تقومون بها، المهم أن يقتنع بها الشعب السوري)).
لا أعرف بالضبط ما هي الأفكار التي جالت في رأس بشار آنذاك، لكن يغلب على ظني أنه شعر بالصدمة من كلمة (الشعب) تلك الكلمة التي طالما رددها هو ونظامه وحزبه.
النظام ينظر إلى الشعب من عدد الآفاق، فهو تارة ينظر إليه على أنه أداة للمدح والتمجيد والخروج في المظاهرات المؤيدة، وتارة ينظر إليه على أنه غير موجود، وهذا يعني أن النظام ينظر إلى نفسه على أنه هو البلد وهو الشعب حين يسأل الناس عن الشعب .
لو كان النظام يعترف أن هناك شعباً لما أهانه في الليل والنهار، ولما أدمن الكذب عليه . النظام في الحقيقة لا يرى إلا شيئين : نفسه والعالم الخارجي، ولهذا فإن كل وسائله الإعلامية مشغولة باسترضاء الخارج والعالم الغربي تحديداً ، وتقديم صورة مقنعة ومنطقية عما يجري داخل البلد المنكوب.
هل يستطيع بشار السماح لوسائل الإعلام العالمية بتغطية ما يجري ومقابلة الناس بشكل حر؟ وهل يستطيع أن يسمح مرة واحدة لمعهد لقياس الرأي أن يستطلع آراء الناس حول رضاهم عن استمراره في الحكم ؟ هذا السؤال موجَّه تحديداً إلى أبواق النظام ،ولا ننتظرمنهم جواباً عليه. طبعاً إنه لا يستطيع لأن في هذا اعترافاً بحقوقٍ لشعب لا يعتقد بوجوده أصلاً .
جوهر الأزمة في سورية تتخلص في أمرين : نظام لا يعترف بوجود شعب يستحق الإصغاء إليه، وشعب لا يثق بنظام جاثم على صدره منذ نصف قرن .
الثورة السورية المباركة قررت قلب الطاولة، حيث صار الشعب غير مهتم بالوثوق بنظام لا ينبغي أن يبقى ولا يوماً واحداً، كما بات غير محتاج إلى نظام يعترف به، حيث بات على النظام إياه أن يسعى إلى اعتراف الشعب به، ولكن هيهات هيهات .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
محبكم
د. عبد الكريم بكار 18/9/1432