الثورة الفريدة
الثورات العظيمة التي تركت بصماتها في تاريخ البشرية ليست كثيرة، وأستطيع أن أقول دون تردد : إن الثورة السورية واحدة منها، وذلك لأن الثورة لا تكون عظيمة إذا غيرت نظام الحكم، ولكن إذا غيرت الشعب، وهذا ما فعلته الثورة السورية المجيدة .
السوريون تغيروا ،وبعبارة أدق تغير من السوريين فريقان :الذين يصنعون الحراك ، والداعمون لهم .
كلما اتجهت إلى بلد رأيت الجالية السورية فيه مهمومة ومشغولة بنجاح الثورة، فعلاً قد صارت الثورة عبارة عن مشروع شخصي لمئات الألوف من السوريين!
الشيء الذي يثير الإعجاب هو روح الفداء التي يحملها شباب في عمر الورود، فقد هانت الحياة، واستطاب الناس الموت، وصارت الشهادة أمنية حقيقية !
كنت في القاهرة قبل أيام ورأيت هناك شاباً في العشرين، وسألته عن سبب قدومه، فقال جئت لدراسة الشريعة والقانون في الجامعة، ولكنني راجع إلى سورية بعد يومين حيث إنه بقي على افتتاح الجامعة نحو من ثلاثة أشهر، وخلالها سأذهب لأكون مع الجيش الحر، فإذا رزقني الله الشهادة، فهذا ما أرجوه، وإلا فإني سأعود إلى هنا للالتحاق بالدراسة !
في القاهرة رأيت من أوقف دراسته العليا، ليتفرغ لمساعدة اللاجئين السوريين، ورأيت من ذُهل عن كل شيء، وأخذ ينتقل في مصر من محافظة إلى أخرى يجمع التبرعات لنجدة الثوار وعلاج الجرحى !
شيء عجيب أن ترى في سورية من يخاطر بحياته من أجل نجاة سوري لا يعرفه، هذا ما لا نعلم أن التاريخ سجل له نظيراً، ولم نسمع به إلا في الأساطير !
الثورة السورية أرجعت رأس المال بما أحيا الله بها من النفوس والعقول والقيم، ونحن ننتظر من الله الربح الكثير العاجل؛وهو أكرم الأكرمين .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
د. عبد الكريم بكار
في26/8/1433