سورية : رسالة إلى أهل العلم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فإن الوظيفة الأساسية لأهل العلم هي إرشاد الناس إلى ما ينبغي عليهم القيام به والكف عما لا ينبغي لهم فعله ، هذا في الأحوال العادية، أما في أوقات الأزمات فإن الناس ينتظرون من علمائهم التنوير الذي يحدد لهم الوجهة التي عليهم أن يتجهوا إليها والموقف الذي ينبغي عليهم أن يقفوه، وما ذلك إلا لأن السواد الأعظم من الناس ينظرون إلى طلبة العلم الشرعي على أنهم مرجعيات روحية وفكرية لهم، إنهم قادة موثوقون، ولذا فإنه يؤمل منهم الكثير .
الناس في سورية اليوم ينتظرون من يحدثهم عن مستقبل بلدٍ فقد عَدداً وافراً من زهرات أبنائه وهُدم ما لا يقل عن ربع بنيانه ، إنهم يريدون أن يعرفوا إذا ما كانوا في النهاية سيحصلون على نظام الحكم الذي يعوضهم عن شيء مما فقدوه .
الناس يريدون معرفة ما سيجيب به علماؤهم على أسئلة من نحو :
1. هل تصلح المواطنة أساساً مطلقاً للحقوق والواجبات في الدولة الواحدة ؟
2. هل يمكن القبول بدولة مدنية أو ديموقراطية بمرجعية إسلامية؟
3. ما حدود التدرج الذي ينبغي اتباعه في تطبيق أحكام الشريعة ؟
4. ما نقاط الاتفاق والافتراق بين الشورى والديموقراطية ؟
5. ما أولويات العمل على الصعيد السياسي والإداري في هذه المرحلة والمرحلة التي تلي سقوط النظام ؟
6. هل من المناسب البدء في هذه المرحلة بتشكيل حزب إسلامي يساعد على تنظيم الشأن السياسي بصورة صحيحة ؟
7. كيف يمكن ردم الهُوة القائمة اليوم بين المدنيين والعسكريين من مؤيدي الثورة ؟
إن التساؤلات كثيرة جداً لكن الأجوبة المقدمة عليها شحيحة ومبعثرة !
إن الناس اليوم لا يطلبون مجرد أفكار أو آراء يطلقها فلان أو فلان في حلقة تلفازية أو في موقع على النت، إن الناس يريدون المواقف العلمية والفكرية والسياسية التي يقفها علماؤهم تجاه القضايا التي أشرنا إليها .
كُلي أمل أن يقوم أهل العلم بإخراج بيانات موجزة وكتابة بحوث مؤصلة وموثقة حول ذلك، وينبغي أن يتم التوقيع على تلك البيانات من أكبر عدد ممكن من أهل العلم الشرعي والفكر الإسلامي الذين يثق بهم الشارع في سورية ومن المهم أن يتم ذلك بالسرعة الممكنة؛ فالأحداث تتوالى والحيرة تزيد والانقسام في الرأي العام يتسع .
والله ولي المتقين .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
د . عبد الكريم بكار
في 12/1/1434