البساط الوطني

في كل مجتمع الكثير من التمايزات العرقية والدينية والفكرية لو ركن الناس إليها فربما لم نكن قادرين اليوم على رؤية سكان الأرض وقد استوطنوا مئتي دولة بل سيكون لدينا عشرة آلاف دولة ودولة.
الخوف من التمزق والاحتراب والخضوع لحتميات تاريخية وجغرافية اضطر عقلاء المختلفين إلى البحث عن صيغة لإدارة التنوع والتعايش مع الاختلاف فوجدوا في البساط الوطني الخيار الممكن والوحيد ولم يحدث هذا إلا بعد معاناة إنسانية استمرت آلاف السنين.
الجالسون على البساط الوطني يقرون بأن وطنهم ملك للجميع على قدم المساواة ولهذا فإنهم أمام القانون في الحقوق والواجبات سواء.
طبعا لا يعني هذا وجود انسجام اجتماعي و ثقافي تام فالاختلاف سنة من سنن الله تعالى في خلقه ولكنه يعني توفير إطار قانوني يتيح توزيع السلطة على المواطنين بالعدل وضمن معايير موحدة كما يعني إتاحة فرص النمو والارتقاء والاستفادة من خيرات البلاد لجميع المواطنين بالتساوي المقنن.
هذه الصيغة مكنت مجتمعا مثل المجتمع اليهودي في فلسطين من بناء دولة وفد سكانها من 1266 دولة والعجيب أن هذه الدولة لم تشهد عبر 68 سنة سوى حادثة اغتيال سياسي واحدة!
النبي صلى الله عليه وسلم نسج الخيوط الأولى للبساط الوطني في المدينة المنورة على ما نلمسه فيما سمي بوثيقة المدينة.
على الرافضين للدولة الوطنية أن يقدموا صيغة قادرة على منع الاقتتال بين أبناء البلد الواحد كما فعلت الدولة الوطنية أو السكوت حتى يعثروا عليها وأظن أن سكوتهم حينئذ سيطول ويطول.
د. عبدالكريم بكار