بصيرة حول النظام السياسي في الإسلام

الاقتتال الذي حدث بين الصحابة الكرام في زمان الخلفاء الراشدين يدل على أحد أمرين:

الأول أنهم كانوا يعلمون أن هناك نظاما سياسيا يجب تطبيقه والاحتكام إليه ولكنهم لم يفعلوا اتباعا لهوى أو شهوة وهذا بعيد جدا لأنهم أبر الأمة قلوبا  وأكثر الناس فهما عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الاحتمال الثاني أنهم لم يعثروا فيما فقهوه على نظام سياسي مبلور بالقدر الكافي وهذا أحوجهم الى الاجتهاد ومع الاجتهاد وقع الخلاف والاقتتال.

وهذا الاحتمال هو الأقوى والأرجح.

الشارع الحكيم وضع مبادئ وقيما عليا تجب مراعاتها و خدمتها في أي نظام سياسي وهي قليلة مثل الشورى والعدل والنزاهة وعدم استغلال السلطة وبذل أقصى الجهد في خدمة المصلحة العامة.

خدمة هذه المبادئ تحتاج إلى نظم عدة من أهمها النظام السياسي والنظام الإداري.

النظام هو عبارة عن شبكة من الأساليب والوسائل والإجراءات والتقنيات واللوائح التنظيمية وهذا يعني أنه مؤقت ومتطور ومتفاعل مع الواقع وهذا يعني أن الوحي لم يبلور للمسلمين نظاما للحكم لأنه لو حوّل ما شأنه التغير إلى شيء ثابت لأوقع الناس في حرج عظيم.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أعظم رجل استراتيجية في تاريخ المسلمين وقد حاول إنشاء نظام سياسي يخدم المبادئ التي أشرنا إليها وقام بأعمال عبقرية فعلا لكن ماذابقي اليوم من نظم عمر؟

نحن اليوم نتحدث عن القيم العظمي التي تمثلت في حكم عمر ولكننا نجد أنفسنا محتاجين إلى نظم أكثر تعقيدا وإحكاما وتطورا من تلك التي أرساها عمر وهذا ينطلق من سنة ربانية هي عدم اتساع مرحلة سابقة لمرحلة لاحقة.

السؤال اليوم هو هل ما يعاني منه المسلمون يكمن في عدم الالتزام بالمبادئ التي التزم بها عمر  أو في عدم تطبيق الإجراءات التنظيمية التي اتبعها عمر؟

لاشك أن المشكلة في معاناة المسلمين اليوم هي في البعد عن القيم والمبادئ التي التزم بها عمر والزم بها أركان دولته

الخلاصة: المطلوب اليوم بلورة أو اقتباس نظم تحوّل المبادئ من كلام وعظي إنشائي إلى واقع يعيشه الناس ويحميه القانون ويدافع عنه المجتمع.

هذه قناعتي وقد أكون مخطئا لكنني لم أقل بحمد الله إلا ما أعتقد أنه الصواب والله الهادي إلى سواء السبيل.

د.عبدالكريم بكار