النظر من ثقب الباب

قامت الثورة السورية المجيدة وهي محملة بالكثير من مشاعر التسامح والتفاؤل وفي عقول أبنائها الأوائل رؤية وطنية عظيمة وجامعة لبناء سورية الكريمة العادلة الحرة والموحَّدة.
وجاء الغلاة الجهلة الذين ينظرون إلى الكون الفسيح من ثقب الباب فلا يرون سوى أنفسهم المشحونة بالحقد والانتقام والتوتر ولايرون سوى عقولهم الزاخرة بالأفكار المنحرفة والرؤية القاصرة للشريعة والناس والواقع. …
تمت أدلجة الثورة وتحولت من ثورة يمجدها كل أحرار العالم إلى ثورة تعبر عن مطالب ضيقة لا يكاد يتفق على كثير منها سوى قلة قليلة من السوريين، ومع الأدلجة تمت ممارسة أشكال كثيرة من التغلب والقهر من قبل الغلاة الجفاة ضد شركائهم الثوار من الطيف الإسلامي على وجه الخصوص.
حين تنظر إلى شركائك في الثورة بمنظار أيدلوجي ضيق فإن من الطبيعي ألا تراهم، ثم ألايروك وهكذا تتم شيطانة كثير من الثوار بطرق مختلفة ومن خلال الظنة والشبهة.
الشيطنة تفضي طبعا إلى تبخر الثقة المتبادلة والتي لن تأتي إلا بالفرقة والشتات وذهاب الريح.
اليوم وجد نتيجةً لكل ما ذكرناه كثير من المخلصين أنفسهم مسؤولين عن تأمين ونجاح كل شيء في الثورة : من الفتوى والإغاثة حتى تأمين الجبهات…..
النتيجة النهائية هي هذه الموجة العاتية من الشعور بالعجز والإحباط والارتباك والخذلان….. نعم قد انطبق علينا المثل العربي القديم: يداك أوكتا وفوك نفخ!
المأساة الحقيقة لم تصل بعد، إنها تنتظر الفرصة المواتية والتي ستكون حين يسقط النظام المجرم ويتولى السلطة عديمو الخبرة المستعلون برؤاهم وقدراتهم الاستثنائية الموهومة… حينئذ سيعلم الذين أدمنوا النظر من ثقب الباب وشيطنة الآخرين الفخَّ الذي نصبوه لأنفسهم والبلاء الذي جلبوه لدينهم وبلادهم.
لنَعد إلى مد البساط الوطني ولنجمع الناس على القواسم الوطنية المشتركة قبل أن نستيقظ فلا نرى ثورة ولابساطا ولا وطنا.
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.
د.عبدالكريم بكار