بداية الطريق
زرت إحدى الدول الأفريقية قبل مدة ليست طويلة، وجلست بالقرب من نبع النيل، ورأيت الأرض وقد لبست حلة سندسية كما رأيت الأشجار وقد أثقلتها الثمار اللذيذة والمتنوعة، كما رأيت اعتدال المناخ، فلا حرولا قر، ومع هذا فإن هناك من يحتاج إلى مئتي دولار كي يقيم مشروعاً صغيراً يُطعم منه عياله، فلا يجد وسمعت عن أسر كثيرة، مصدر رزقها الوحيد هو ما لديها من ( دجاج ) تربِّيه حتى تبيع بيضه ، وهي تشتهي مع ذلك أن تتذوق البيض، لأن أكل القليل منه يعني حرمان الأسرة من شراء ما هو ضروري لبقائها !
كلام أشبه بالخيال، لكن هذا هو الواقع !
قد تتساءلون : لماذا يحدث هذا، وما أسبابه؟
الجواب باختصار هو : أن بعض شعوب أفريقيا وآسيا مع أنها تعيش في القرن الحادي والعشرين إلا أن أسلوب عيشها ومستوى فهمها للحياة ومعطيات زمانها متخلفة للغاية، بل قد لا يختلف ذلك لديها عما كان لدى أجدادها قبل ثلاثة قرون !!.
بين تلك الشعوب شعوب مسلمة، ولها علينا حقوق أُخوَّة الإسلام ، ونحن نستطيع أن نساعدها لتعثرعلى بداية طريق النهضة والخلاص من البؤس والجهل والأوهام والخرافات ..
هم يحتاجون إلى المساعدة في الأمور التالية :
تعلم العقيدة الإسلامية وأركان الإسلام وبعض الأحكام المتعلقة بالطهارة والصلاة والصيام، وما شاكل ذلك .
لدى تلك الشعوب عدد قليل من الشباب المثقف والمتعلم، وهؤلاء يحتاجون إلى بعض الدورات التدريبية المتعلقة بتنمية الشخصية، والتفكير الإيجابي، ويحتاجون إلى الكثير من الكتب التي تساعدهم على فهم أنفسهم وفهم زمانهم وقبل ذلك فهم المنهجية الإسلامية في العيش والنهضة .
إن تلك الشعوب لديها الكثير من المواد الخام ، والكثير من الإمكانات الزراعية، لكنها تحتاج إلى القليل من المال كي تتحرك وتخرج من دوائر العجز والإحباط والارتباك، فالمال محور أساسي في أي تحرك مهما كان نوعه، وأنا أقترح أن تخصص الجمعيات الخيرية والمؤسسات والمنظمات الإغاثية الإسلامية 5 % من وارداتها لتمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في الدول الإسلامية الأشد فقراً وتخلفاً، وعلى شباب الإسلام الراغبين في الأجرأن ينطلقوا في أرض الإسلام لإحياء العقول والنفوس ومساعدة البائسين من إخوانهم على الخروج من كهوف الظلمات التي وجدوا أنفسهم فيها .
هذا تحدٍ عظيم، يمنحنا فرصاً لإنجاز أعمال عظيمة .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة .. أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محبكم د.عبد الكريم بكار
في 12/3/ 1432هـ