الأمم العظيمة
عَلمنا التاريخ أن وجود التحديات أمام الساعين في دروب المعالي هو الشيء البدهي والمألوف، ويعلمنا التاريخ كذلك أن معظم التحديات تتركز في التنظيم والإدارة والتواصل والبنية الأخلاقية للأفراد والشعوب .
ونحن اليوم في سورية نعاني من عدد هائل من التحديات المنوعة، وقد صار واضحاً أن من الموضوعية أن نخفض سقف تطلعاتنا إلى المساعدات الخارجية لأسباب عديدة، لا يناسب الآن الحديث عنها، وإن التاريخ يعلمنا مرة ثالثة أن الأمم العظيمة حين تشتد عليها ضغوط الخارج تلجأ إلى الداخل، فتعالج العيوب وأشكال القصور، وتستنفر الهمم والعزائم، وتعبئ الموارد .. وهذا ما علينا القيام به اليوم.
على السوريين أن يدركوا أنهم إن لم يساعدوا أنفسهم على نحو جيد فلن يساعدهم أحد، أو لن يكونوا أهلاً للاستفادة من مساعدة الآخرين . إذا أردنا وضع النقاط على بعض الحروف فإن علينا أن نقول الآتي : 1ـ حين ننظر إلى الشباب السوري، فإننا سنجد مئات الآلاف من العاطلين عن العمل، ويملك الكثير منهم الرغبة في مساعدة الثوار واللاجئين والمحتاجين في الداخل، والمشكل الذي يواجهه هؤلاء هو أنهم لا يجدون الأُطر والبرامج والمناشط التي يحققون تطلعاتهم التطوعية من خلالها، كما أنهم لا يملكون روح المبادرة إلى بناء أطر وبرامج جديدة .
إن في إمكان الشباب المثقف والتيارات والتجمعات السياسية أن تساعد في هذا الشأن مساعدة كبيرة، كما أن على الائتلاف الوطني أن ينشئ وكالة متخصصة بجذب الشباب السوري إلى الأعمال التطوعية .
2- لدينا أعداد هائلة من السوريين المنتشرين في أنحاء الأرض وإن لدى كثيرين منهم ثروات وإمكانات مالية طائلة، وهم يحتاجون إلى من يتواصل معهم وفي جعبته مشروعات إغاثية منظمة تنظيماً عالياً وشفافاً، وإن من المهم أن تتشكل عشرات الوفود من الشخصيات الموثوقة للقيام بذلك .
إن لدينا في العديد من المناطق ما يشبه المجاعة وما يحتاجه الجيش حكاية مستقلة ومحزنة .
3 ـ نحن نحتاج إلى تعميم ما تمت بلورته من رؤى حول المرحلة الانتقالية وإعادة الإعمار على أكبر عدد ممكن من الناس حتى نرفع معنوياتهم وحتى نحفزهم على المشاركة في تحقيق تلك الرؤى والخطط .
ني متفائل بمستقبل زاهر لسورية الحبيبة، وما تم إنجازه في العديد من المناطق المحررة يدعو إلى الإعجاب.
والله هو ولينا ومولانا .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .