من ثائر إلى مستوظف

بدأنا الثورة السورية المجيدة بصدق وإخلاص وبراءة كبراءة الأطفال ثم تبين لنا أن النظام المجرم ليس سوى رأس جبل الجليد الغائب في أعماق البحر.
كثيرون أولئك الذين رأوا في الثورة السورية امتدادا لحركة التحرر العالمي والانعتاق الأممي من أباطرة الظلم والفساد والاستبداد ورأوا فيها موجة عاتية في مد التحرر العربي والإسلامي المأمول ولهذا فقد وجد النظام القاتل في دمشق حلفاء كثيرين في مناهضة الثورة فزادت الجراح واتسعت دائرة المشردين و اللاجئين والمحتاجين إلى المال وهذا اقتضى بحث أعداد كبيرة من الشباب الثائر عن وظيفة يؤمن منها قوته وقوت أسرته وهذا شيء طبيعي جدا ومتوقع لكن الذي ليس طبيعيا هو أن يتحول الثائر الحر الأبي إلى (مستوظف) يحمل روح الموظف وعقل الأجير حيث يسيطر عليه هم العثور على وظيفة عالية الدخل بقطع النظر عن صلتها بثورته ومدى مساعدتها على نجاحها وانتصارها، كما تسيطر عليه الرغبة في التكيف مع الأوضاع الجديدة ناسيا أسباب تشرده وخروجه من دياره !
يا أيها الشباب والكهول دماء الشهداء وعناء الأيتام والأرامل والجرحي وأحلام الملايين الذين آزروا الثورة في عشرات الدول ومستقبل سورية وأجيالها القادمة..كل ذلك أمانة في أعناقنا.
استمرار الثورة وعودتها إلى منهجيتها الأولى ضرورة كبرى و العمل على ذلك واجب أخلاقي وحضاري على كل من يؤمن بضرورة زوال الظلم والظالمين ورحيل الاستبداد و المستبدين والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
د.عبد الكريم بكار.